Admin Admin
المساهمات : 157 تاريخ التسجيل : 12/08/2008
| موضوع: ذعرات الأسد الكفيف أنفجرت في أذان الحُمر الثلاثاء أغسطس 19, 2008 4:27 am | |
| من سيرة الشيخ عبد الحميد كشك بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد وأله وصحبه أجمعين إخوتي وأخواتي في عام1933م من الربع الأخير من القرن العشرين وفي هذا العام وماسبقه من أعوام وما لحقه من سنوات كان الباطل راكبا على ظهر الحق يقوده حيث يشاء وكان الذين يقودون هذا الجام محتنكين به أشداق الحق هم سلاطين الضلال وعلماء السوء واتبعهم على ضلالهم وخبتهم ومكرهم شريحة كبيرة من شرائح المجتمع باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل وأما ماتبقى فهم فئة قليلة ألزمت الصمت ولم يتكلم أحدا منهم إلا نفرا قليل تكلموا بالحق وماتوا ثمنا لكلمت الحق وفى إطلالة العام الثالث والثلاثون أنعم الله على الذين كانوا ينتظرون أن يسمعوا يوما من يقول كلامة الحق ولايخشى فى الله لومة لائم نعم لقد سخر الله لهم حيث خلق لهم بشرا من جنسهم ويتكلم بألسنتهم ويكون حجة على من أمن ومن لم يؤمن وعلى من أدعى الاسلام ومن لم يدعى هولاء جميعا علماء كانوا أم عوام سيسألهم الله يوم القيامة لماذا لم تقولوا كلمة حق عند سلطانا جائر فبماذا سيكون ردهم حتما سيقولون كنا نخشى السلطان أن يقتلنا أو يسجنا أو يعذبنا وكل جيل سيقول ذلك والجميع سخر الله لهم من يقول الحق لكى يكون حجة على قومه ومن هذا الجيل جيل أعوام الثلاثينات ومابعده وبالتحديد فى العاشر من مارس عام1933م ولد طفل مبارك من عائلة مباركة فقيرة تسكن قرية شبرا خيت من محافظة البحيرة بدولة مصر وتميزت هذه العايئلة بالطيبة والاحترام فحرصت على تربت هذا الطفل تربية صالحه، وعلمته تعليما دينيا صحيحا, له ستة إخوة وكان والده يعمل بمحل تجاري لكى يسد حاجات أولاده وأحيانا لايجد مايصرفه عليهم ولما وصل الطفل عمره السادسة أصيبت عيناه بالرمد وأراد حلاق القرية أن يعالجه فعبث بمروده في عينه اليسرى مما أدى إلى ضياعها وبقيت العين الايمنى مع ضعفها تصارع شدائد الحياة وقبل أن يصل عمره العاشرة حفظ القرآن في سن الثامنة وكان جده لأبيه يعلم الاولاد القرآن فى القرية وفى السنة الرابعة الابتدائية وكانت تعتبر شهادة أعلنت جمعية تحفيظ القران علي أن عبد الحميد حصل علي جائزة قدرها خمسة جنيهات وذلك لأجل تفوقه في المسابقة القرآنية تفوق عبد الحميد في دراسته في الثنوية والكلية وكان الاول طيلت أيام الدراسة وكان أثناء الدراسة الجامعية يقوم مقام الأساتذة بشرح المواد الدراسية في محاضرات عامة للطلاب بتكليف من أساتذته الذين كان الكثيرمنهم يعرض مادته العلمية عليه قبل شرحها للطلاب، خاصة علوم النحو والصرف وكانت أول خطبة له قبل الشاهدة الرابعة الابتدايئة حينما كان عمه الشيخ عبد الفتاح كشك مأذون البلد يقوم بإلقاء خطبة الجمعة في الجامع ( الوسطاني) وذات يوم وبعد ما بلغه أن أبن أخيه عبد الحميد يقوم بإلقاء الدروس في المساجد كلفه بإلقاء خطبة الجمعة في مسجده ، وكان هذا المسجد أكبرمساجد البلدة ويضم نوعيات مختلفة من البشر : ما بين تاجر وموظف ، وصانع، واستعان عبد الحميد بالله وصعد المنبر لأول مرة ودارموضوع الخطبة حول محاربة الفساد الإداري في البلدة، وبدأ في الكلام عن تحريم الرشوة في نطاق قوله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله الراشي والمرتشي والرائش " وتناول فى خطبته ما يدور في المستشفى من إهمال للمرضى وسوء معاملتهم مما دفع مديرها إلى أن يتقدم بشكوى ضده إلى مأمورالشرطة وبدأت المتاعب عندما هاجت عقارب الحقد في قلوب الشانئين وبدء العام الدراسي وهديت الامور عندما أنشغل بالشهادة الابتدايئة وبدا الشيخ الاسد رحلته مع محاربة الظلم والطغيان فقد واجه الطغاة ولم يخشي في الله لومة لائم وحرص علي تربية أبنائه طيلت هذه المدة تربية حسنة قال الله تعالي : من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاًفقد فقدت الأمة الاسلامية عالما من علمائها المخلصين وهذا يُعد من أعظم المصائب التي حلت بالأمة الاسلامية ، ألا وهو فقدان أسدها الشجاع أسد المنابر الشيخ الداعية الموفق ، والخطيب الملهم ، والواعظ المؤثر ، والمتحدث المسدد عبدالحميد بن عبدالعزيز بن محمد كشك . الذي أمضى ( 63) عاماً هي مجموع سنوات عمره ؛ مجاهداً في سبيل إعلاء كلمة الحق ، ونصرة الدين .لقد وهب هذا العالم نفسه للدعوة إلى الله تعالى على علمٍ وبصيرةٍ ؛ وممن لا يتوانون عن الصدع بكلمة الحق ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، دون أن تأخذه في الله لومةً لائم . وليس لنا إلا أن نقول أن الأمة الإسلامية فقدت واحداً من أبرز دعاتها الذين ناذرا أن يكون في هذا الزمان مثله ؛ فقد كان – رحمه الله – علماً من الأعلام ، وداعيةً من أشهر وأبرز الدعاة ، وفارساً من فرسان المنابر المعدودين في عصرنا خطيب مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ، وصاحب العبارة الشهيرة : " أما بعد: فيا حماة الإسلام وحراس العقيدة سيبقي صوته الداعي إلى الحق ، الذي أ سر القلوب والأسماع ، ما زال صوته وسيظل ـ بإذن الله ـ يتردد في أنحاء كثير من بلاد العالم عبر أشرطة التسجيل التي يسمعها الناس صباح مساء دونما كللٍ أو مللٍ . وما ذلك إلا لأن تلك الخُطب والدروس والمواعظ إنما خرجت من قلبٍ صادقٍ ، وجرت على لسانٍ صادق ـ ولا نزكي على الله أحدا ـ فوعتها الأسماع ،وأحبتها الأفئدة ، وتقبلتها النفوس بكل لهفةٍ واشتياق ، وبكل طواعيةٍ واختيار كان هذا الشيخ صاحب أبرز وأشهر مدارس الخطابة في عصرنا الحاضر ؛ وإن معظم الخطباء والدعاة الذين جاءوا بعده قد تأثروا به ، وبمنهجه ، وأسلوبه الخطابي المميز ؛ فقد كان – رحمه الله – يُقدم للخُطبة بمقدمةٍ تشد السامعين شداً قوياً ومؤثراً ،حيث كان من عادته أن يفتتح خطبه بحمد الله تعالى حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه ؛ ثم يورد بعض الدعوات المتتالية التي يرفع بها صوته عالياً ، وكأنه يُهيىء المستمعين من خلالها ويستحضر انتباههم ، ويستثير مشاعرهم . ثم يصلي ويسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مردداً قوله" سيدي أبا القاسم ؛ يا رسول الله ، صلى عليك الله يا علم الهدى ما هبت النسائم ، وما ناحت على الأيك الحمائم : ثم بعد ذلك تأتي عبارته الشهيرة التي يقول فيها" أما بعد فيا حُماة الإسلام وحراس العقيدة " . : وهي العبارةُ التي تميزت بها خُطب الشيخ ، ولا تكاد تخلوا منها خُطبةٌ من خطبه ، والتي يكون من بعدها مدخله إلى الموضوع الذي يريد الحديث فيه بعد أن يُشير إلى الرقم التسلسلي للخطبة . وهنا تجدر الإشارة إلى أن مجموع أشرطة خطب الشيخ قد بلغ ( 3500 ) شريطاً ؛إضافةً إلى أكثر من 300 ) درس من دروس المساء التي كان يعقدها - رحمه الله – للمصلين في مسجده ، وغيره من المساجد الأخرى في فترة ما قبل صلاة العشاء ؛ مراعياً فيها طرافة الأسلوب ، وبساطة العبارة ، وتقديم الدرس بطريقةٍ جذابةٍ مرحةٍ سرعان ما تصل إلى النفوس ، وتلامس شغاف القلوب ؛ فتضفي على تلك الدروس جواً ماتعاً ، وروحاً مميزة يُكثر خلالها من قوله : "سمَّعوني الصلاة على النبي" ، أو قوله رحمه الله تعالى : " اللي يحب النبي يسمّعني الصلاة عليه " ؛ فترتفع أصوات الحاضرين بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يطرد الملل والسآمة عنهم ، ويشدهم بكل ذكاءٍ بين حين وآخر إلى الموضوع الذي يتحدث فيه . ولعل مما يميز خطب الشيخ عبد الحميد كشك ( رحمه الله تعالى ) ودروسه أنها جامعة شاملة ؛ فلا يكاد يكون هناك شريطٌ يتحدث في موضوع واحد - إلا ما ندر - ، وما ذلك إلا دليلٌ على سعة علمه ، وغزارة معرفته ، وقدرته الفائقة على الربط بين الأحداث ، واستنباط الدروس والعبر بشكلٍ يجعل المئات والألوف من رواد مسجده في ( عين الحياة ) يتوافدون على المسجد منذ ساعات الصباح الباكر في كل يوم جمعة لسماع الخطبة ، والاستمتاع بها مهما طال زمنها . وهكذا يظل الجميع منصتين خاشعين حتى يرتفع صوته مرةً أخرى قائلاً: "أعود بكم من هناك إلى هنا، وما أدراك ما هنا؛ هنا مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم و الشيخ – غفر الله له – كان ممن تميز بمعايشته الحقيقية لآلام المجتمع ، والشعور بأوجاعه ؛ فقد كان صريح العبارة ، لاذع النقد ، قوي الإنكار على أعداء الإسلام في كل مكان ؛ ولم يكن يتوانى في أي مناسبة عن كشف زيفهم ، وبيان مكرهم ؛ الأمر الذي عرضه للإيقاف والمنع مراتٍ عديدة وعلى الرغم من ذلك فقد كان - غفر الله له - يملك رصيداً كبيراً من الحب والإعجاب في قلوب الناس ، ويحتل كلامه منـزلةً واسعةً من القبول في نفوسهم ، حتى أن خطبه ودروسه المسجلة على الأشرطة المسموعة قد انتشرت في كل مكان ، وبشكل تجاوز الحدود، وفاق كل التصورات ؛ فهي تُسمع في كل البلاد ، وعند كل الفئات ، وعلى جميع المستويات . ولعل هذا ليس بالأمر الغريب ؛ فقد عُرف عن الشيخ / عبد الحميد كشك فصاحته وإجادته التامة للغة العربية ، واحاطته الفائقة بعلومها وفنونها ، وذوقه الأدبي الرفيع الذي يتضح في جودة إنتقاء الأشعار ، وحُسن الإلقاء ، وروعة اختيار العبارات ، ودقة التصوير والوصف . يُضاف إلى ذلك كله ما كان يتمتع به ( غفر الله له ) من ملكة الحفظ العجيبه للتواريخ والأسماء والمناسبات ، و اطلاعه المستمر على أحوال المجتمع ،ومتابعته للأحداث أولاً بأول . وهنا تجدر الإشارة إلى أن المتابع لخُطب الشيخ – رحمه الله – يُدرك منذ اللحظة الأولى أنه كان يحب شخصية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويتحدث كثيراً عن عظمته ، مردداً بين الحين والحين قوله "كان صلى الله عليه وسلم بين الناس رجلاً، وبين الرجال بطلاً، وبين الأبطال مثلاً " . كما أنه كان يُكثر في دروسه وخطبه من الإستشهاد بمواقف عظيمة من سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ويسميه عملاق الإسلام. كل هذا كان مميزاً لأداء الشيخ كشك ، ولمدرسته الخطابية التي نفع الله بها فنشرت الوعي الديني ، وخدمت الدعوة الإسلامية في زمنٍ كانت الدعوة أحوج ما تكون لمثل صوت الشيخ ومواعظه ودروسه وخطبه أحتل هذا الشيخ الشجاع مكانة مميزة بين الدعاة خلال الربع الأخير من القرن العشرين, وقد ذاع صيته حتى وصلت شهرته وشعبيته بين الناس إلى درجة كبيرة جدا فصار يطلق أسمه على كل مسجد يلقى فيه خطبة من خطب الجمعة, كذلك الشارع الذي كان يسكن به كان يحمل اسمه أيضاً تميز الشيخ كشك بإلقائه للخطب الدينية, فهو خطيب مدرسة "محمد"، وكما ذكرنا أنفا فهو صاحب العبارة الشهيرة " أما بعد: فيا حماة الإسلام وحراس العقيدة"، وكان كشك عالما وخطيبا متكلما له دروس أسبوعية في المسجد، الذي يخطب فيه فيحضر له آلاف المسلمين حتى أن الشوارع المحيطة بالمسجد تغلق ويتعذر المرور من خلالها أثناء محاضراته التي كانت تخرج من القلب فتدخل إلى القلب. وكما ذكرنا أنفا بأن هذا الشيخ ينتمي لأبرز مدارس الخطابة في عصرنا الحالي, وقد أثر في الخطباء الذين جاءوا بعده وذلك بأسلوبه الخطابي ومنهجه, حيث كان له أسلوب يشد المستمع إليه ويجذبه بقوة, ولاننسى حينما يصلي ويسلم على نبينا محمد ويقول: "سيدي أبا القاسم، يا رسول الله، صلى عليك الله يا علم الهدى ما هبت النسائم، وما ناحت على الأيك الحمائم". بعد ذلك تأتي عبارته الشهيرة التي يقول فيها "أما بعد.. فيا حُماة الإسلام وحراس العقيدة"، عاش الشيخ كشك زاهداً و مات عابداً ، إنه فارس الكلمة و المنبر الشيخ عبد الحميد كشك الذي عرفه الناس خطيباً مفوهاً نابهاً ، وداعيةً جريئاً موفقاً ، يصدع بكلمة الحق ويجهر بها دون أن تأخذه في الله لومة لائم وكما قلنا فإنه يمتازبأسلوبه الأخاذ الذي يخاطب العقل كما يخاطب الوجدان ويحرك العاطفة كما يحرك الشعور والإحساس، يأسر القلوب إذا خطب، ويلهب المشاعر إذا تحدث، ويحرك الدموع إذا وعظ، ويضحك الأسارير إذا سخر.. وكان الشيخ يردد قول ابن عباس رضي الله عنهما : إن أذهب الله من عيني نورهما ففي فؤادي وقلبي منهما نور عقلي ذكي وقلبي ما حوى دخلا وفي فمي صارم كالسيف مشهور. لم يكن الشيخ في مسجده يقوم بعمله على أنه موظف، وإنما كان يعتبر عمله رسالة قبل أن يكون وظيفة، ودعوة قبل أن يكون مورد رزق يتكسب منه، ومن ثم فقد استطاع الشيخ أن يجعل من مسجده داراً للعبادة، ومدرسة للتعليم، ومعهداً للتربية، ومأوى للمحتاجين والمساكين ... قال عنه (جيلز كيبل) رجل المخابرات الفرنسي: ( نجح كشك في إعادة رسالة المسجد في الإسلام، حيث تحول مسجده إلى خلية نحل تكتظ بحشود المصلين). لقد قال عنه العلماء أن الشيخ أسهم بفاعلية واقتدار في جذب الجماهير ، واستمالتهم ، وأرسى منهجًا في الخطابة جديرًا بالبحث والدراسة ، وتناول مختلف الأمور التي تشغل تفكير المسلم في يومه وغده ، متحملاً أعباء جسيمة في سبيل الرسالة التي اضطلع بها ، وتحمل كراهية المسؤولين ، والكثير من عباد السلطة .. وأثبت أن خطبة الجمعة لا تقل أهمية عن وسائل الإعلام المعاصرة كافة ، بل تتفوق عليها جميعًا وللشيخ رحمه الله إخوة منهم المهندس عبد المنعم والمستشار عبد السلام وله من الابناء ثمانية عبد السلام وعبد المنعم محاميان ومحمد متخرج من كلية الاعلام ومصطفي بكلية التجارة وعبد الرحمن بالاعدادية وأسماء متزوجة أرملة ولها طفل إسمه يوسف وخديجة متزوجه وإبنها محمود وفاطمة بالثنوية وجميع أبناء الشيخ يحفظون القرآنكانت خطب الشيخ تمتاز بالصراحة والجُراءة ، والشجاعة في نقد الأوضاع السيئة ؛ فقد أدى ذلك إلى العديد من المشكلات بينه وبين الحكومة حتى تم اعتقاله فقد تعرض الشيخ للاعتقال أكثر من مرة وعلى الرغم من هذا أستمر هذا الشيخ الجليل في جهوده من أجل خدمة الدين والمسلمين، اعُتقل الشيخ كشك في عام 1966م خلال محنة الإسلاميين في ذلك الوقت في عصر الطاغوت المقبورجمال عبد الناصر,أسأل الله أن يجعل قبره حفرة من حفر جهنم ويجعل مسكنه في جهنم خالدا فيها أبدا مع فرعون وهامان وأبو جهل عليهم وعليه لعنة الله إلي يوم الدين وتنقل الشيخ رحمه الله في فترة الاعتقال التي قربت من 3 سنوات بين عدد من المعتقلات مثل طرة، أبو زعبل, القلعة, السجن الحربي, وتعرض أثناء ذلك للتعذيب الشديد في هذه الفترة القاسية من حياته، وبالرغم من ذلك احتفظ بوظيفته كإمام وخطيب للمسجد, وأفرج عنه عام 1968, فعاد مرة أخرى يستعيد نشاطه لتكملة مسيرته في مجال الدعوة. ونظراً لصراحة الشيخ كشك وجرأته كان كثير المشاكل مع الحكومة, فبعد معاهدة "كامب ديفيد" قام باتهام الحكومة بالخيانة للإسلام، وبدأ يعرض صور الفساد في البلد حتى تم اعتقاله مرة أخرى عام1981 هو وعدد من المعارضين السياسيين من رجال الدين والفكر والسياسة، وذلك ضمن قرارات سبتمبر الشهيرة في عهد الطاغوت المقبورأنور السادات, ثم أفرج عنه عام 1982, وأمرته الحكومة أن يفتي لصالح السياسة فرفض ومنذ ذلك الحين مُنع من إلقاء الخطب والدروس ورفض الشيخ كذلك مغادرة مصر إلى أي من البلاد العربية أو الإسلامية رغم الإغراء إلا لحج بيت الله الحرام عام 1973م. وتفرغ للتأليف حتى بلغت مؤلفاته 115مؤلفًا ، على مدى 12 عامًا أي في الفترة ما بين 1982 وحتى صيف 1994، منها كتاب عن قصص الأنبياء وآخر عن الفتاوى وقد أتم تفسير القرآن الكريم تحت عنوان ( في رحاب القرآن ) ، كما أن له حوالي ألفي شريط كاسيت هي جملة الخطب التي ألقاها على منبر مسجد ( عين الحياة ) . وكان للشيخ كشك بعض من آرائه الإصلاحية لللأزهر إذ كان ينادي بأن يكون منصب شيخ الأزهر بالانتخابات لا بالتعيين وأن يعود الأزهر إلى ما كان عليه قبل قانون التطوير عام 1961 وأن تقتصر الدراسة فيه على الكليات الشرعية وهي أصول الدين واللغة العربية والدعوة ، وكان الشيخ عبد الحميد يرى أن الوظيفة الرئيسية للأزهر هي تخريج دعاة وخطباء للمساجد التي يزيد عددها في مصر على مائة ألف مسجد . ورفض كذلك أن تكون رسالة المسجد تعبدية فقط ، وكان ينادي بأن تكون المساجد منارات للإشعاع فكريًا واجتماعيًا .كانت نهاية الشيخ المجاهد الراحل بحق هي حسن الختام .. فقد توضأ في بيته لصلاة الجمعة وكعادته كان يتنفل بركعات قبل الذهاب إلى المسجد ، فدخل الصلاة وصلى ركعة ، وفي الركعة الثانية سجد السجدة الأولى ورفع منها ثم سجد السجدة الثانية وفيها أسلم الروح إلى بارئه .. متوضئاً مصلياً ساجداً .. و كان ذلك في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رجب لعام 1417 ه ، الموافق 6 ديسمبر لعام 1996 م . وبقدر ما كان الحزن يعتصر المعزّين .. بقدر ما كانت سعادة الكثير منهم بهذه الخاتمة الطيبة الحسنة .. فالمرء يُبعث على ما مات عليه ، عاش زاهداً و مات عابداً ، أمضى ( 63) عاماً هي مجموع سنوات عمره ؛ مجاهداً في سبيل إعلاء كلمة الحق ، ونصرة الدين .فهاهي السنوات تمر منذ أن توفيَّ الشيخ – رحمه الله – ، ولا تزال ذكراه العطرة في النفوس المؤمنة المُحبة للخير ، لأنه كان ولا زال وسيظل من الدعاة القلائل الذين ستظل ذكراهم خالدة في النفوس ، ومواقفهم في خدمة الإسلام ونصرته واضحة للعيان . فرحمة الله عليك يا شيخنا الجليل ، وأحسن الله اليك ياصاحب الصوت المؤثر ، والعبارات الصادقة . وغفر الله لك يا من وهبت نفسك للدعوة إلى الله تعالى وعفا الله عنك يا من حيل بينك وبين منبرك ؛ فما زادك ذلك إلا تثبيتاً وتمكينا ، وعزةً ورفعةً إن شاء الله تعالى . وأجزل الله مثوبتك يا من وصفت نفسك بعد أن حيل بينك وبين منبرك برهين المحبسين العمى والبيت. وعزاؤنا فيك يا شيخنا أنك – ولا نُزكي على الله أحداً – واحدٌ من أبرز رموز الدعوة الإسلامية في هذا العصر ؛ وممن دعا إلى الله وسعى في الإصلاح باللسان والبيان ، وأخلص النصح ، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، ودافع عن الدين وأهله حتى اتاك اليقين ، فأسلمت الروح إلى بارئها متوضئاً مصلياً ساجداً لله الواحد القهار في يوم الجمعة 25/7/1417هـ ؛ فجزاك الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، وهنيئاً لك جوار ربك الغفور الرحيم ، ونستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه ، وإنا لله وإنا اليه راجعون.. | |
|