الإِيمُو أو الأَمُو (الاسم العلمي: Dromaius novaehollandiae) هو نوع من الطيور يتبع جنس الدرميس من فصيلة الرواكض.
هذا الطائر أكبر الطيور الأسترالية حجمًا، وهو النوع الوحيد المتبقي من جنس الدرميس، وهو ثاني أكبر الطيور الحية في العالم بعد قريبته النعامة غير القادرة على الطيران أيضًا. وللدرميس ثلاثة نويعات كلها تستوطن أستراليا، وهو ينتشر في البر الرئيسي الأسترالي، ويتفادى المناطق المأهولة بالسكان والغابات الكثيفة والمناطق الصحراوية القاحلة. كانت هذه الطيور تتواجد في جزر تاسمانيا والكنغر وكينغ، لكنها انقرضت منها بُعيد الاستيطان الأوروبي في أستراليا. يُصنفها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة من جُملة الأنواع غير المهددة. فالإيمو هو الوحيد بين الأنواع الضخمة العاجزة عن الطيران الذي احتفظ بِمُعظم موطنه السابق، أو حتَّى أنَّ أعداده رُبما زادت مع انتشار الأراضي الصالحة لِلزراعة. وقد تعلَّم استغلال محاصيل الحُبُوب استغلالًا فعَّالًا، مما حدا بِالسُلُطات إلى الاستعانة بِالجيش في أستراليا لِقتل الطُيُور، في ما عُرف باسم «حرب الإيمو» سنة 1932. وعلى الرُغم من ذبح الكثير منها فإنَّ النصر كُتب للإيمو في النهاية.
الإيمو ناعم الريش بني اللون، ولا يطير. وهو فريدٌ بين كُل الطُيُور في شكل ريشه، إذ تبزُغ من كُلِّ نُقطة نُمُوّ ريشتان مُتساويتا القد. يصل طول الإيمو إلى مترين، وعنقه وسيقانه طويلة ونحيلة. تُهاجر هذه الطيور مسافات طويلة مُهرولة أو راكضة بسرعة قد تصل إلى 50 كيلومترًا في الساعة، وبسبب سيقانها الطويلة فإن الفرد منها يستطيع أن يخطو خطوات طويلة تصل إلى 275 سنتيمترًا. يقطع الإيمو مسافات طويلة من أجل الحصول على الغذاء، وقد يمتدُّ التجوال ببعض أفراده مسافة 1,000 كيلومتر (620 ميلًا) في السنة، حسب طراز هُطُول الأمطار. يتغذى الإيمو على عدة أنواع من النباتات والأعشاب الخشنة القاسية، غير أنَّهُ يُؤثرُ أكل النباتات الغضَّة، كما يتغذَّى أيضًا بِالثمار والأزهار والبُزُور والحشرات، ويُعرف عنه أنه يستطيع أن يمكث أسابيع من غير غذاء، ويقوم الإيمو بابتلاع الحصى والأعشاب المتصلبة وقطع المادن لطحن الغذاء في جهازه الهضمي. والإيمو نادرًا ما يشرب، ولكن عندما يتوفر الماء، فإنه يغرف كميات كبيرة منه، ويستطيع الجلوس في الماء، كما يستطيع السباحة، وهو طائر فضولي يقوم بملاحقة البشر والحيوانات ومراقبتها، ولا ينام نومًا متواصلًا في الليل، بل ينام على عدة فترات قصيرة، وهو ينام جالسًا.
يقع التفريح خلال شهريّ أيَّار (مايو) وحُزيران (يونيو). قبل ذلك تأكل الذكور بِنهمٍ شديدٍ لِبناء مخزوناتٍ كبيرةٍ من الدُهن في الجسم استعدادًا لِفصل التوالد، وعكس الكثير من أنواع الطيور، فإن الإناث قد تتقاتل فيما بينها لاجتذاب أليف. والإناث قد تتزاوج عدَّة مرَّات مع عددٍ من الذكور، وتضع عدَّة حضناتٍ من البيض خلال موسم التناسل. ويبلغ عدد من تضعه الإناث من البيض في وهدة العُش 8 بيضات إلى 20 بيضةٍ خضراء مُزرقَّة. ويقوم الذكر بِرخم البيض مُدَّة 56 يومًا تقريبًا، وخِلال هذه المُدَّة بالكاد يأكل أو يشرب شيئًا، فيفقد نسبةً كبيرةً من وزنه. تُغادر الفراخ العُش عندما يكون عُمرها بين يومين وسبعة، وتصلُ حجم البوالغ عندما تبلغ ستة أشهُرٍ من العُمر، إلَّا أنها تبقى تحت رعاية أبيها إلى أن تبلغ 18 شهرًا قبل أن تستقل استقلالًا تامًّا، ويُصادف موعد استقلالها حلول موسم التناسل التالي.
الإيمو أحد أبرز الرموز الوطنية لأستراليا، فهو يظهر على الدرع الرسمي للدولة، وكنقشٍ على عدَّة مسكوكات نقديَّة. كما يُشكِّلُ عُنصرًا بارزًا في ميثولوجيا الأستراليين الأصليين.
التصنيف
الاكتشاف
أول اكتشاف مدون من قبل الأوروبيين لطائر الإيمو كان في رحلة استكشافية للساحل الغربي لأستراليا عام 1696، حيث كان القبطان الهولندي ويليم دي فلامينغ يبحث عن ناجين من سفينة كانت قد اختفت قبل عامين. عُرفت الطيور على الساحل الشرقي من أستراليا قبل عام 1788، عندما استقر أول الأوروبيين هناك. ذُكرت الطيور لأول مرة تحت اسم "شبنم هولندا الجديدة" في كتاب آرثر فيليب المعنون: «رحلة إلى خليج بوتاني»، الذي نشر في عام 1789، وورد فيه الوصف التالي:
«هذا نوع يختلف في العديد من التفاصيل عن النوع المعروف عامة، فهو طائر أكبر بكثير، له ساقين وعنق أطول. الطول الكلي سبعة أقدام وبوصتين. لا يختلف المنقار كثيرًا عن منقار الشبنم الشائع، إلا أن التاج الذي على رأسه مفقود تمامًا. الرأس والعنق مغطيان بالريش، ما عدا الحلق والجزء الأمامي من العنق في المنتصف، حيث الريش أقل كثافة، بينما رأس وعنق الشبنم الشائع عاريين ومجعدين، كالدجاج الرومي. ريشه يتكون من مزيج من اللونين البني والرمادي، وهو منحنٍ أو مقوس عند نهاياته في وضعه الطبيعي. الجناحان قصيران جدًا لدرجة أنهما لا يصلحان للطيران بأي شكل من الأشكال، ومن الصعب تمييزهما عن بقية الريش، لولا أنها بارزة قليلًا. الريش الشوكي الذي يغطي أجنحة الشبنم الشائع غير موجود على هذا الطائر، كما لا يظهر له ذيل. الساقان سميكتان تشبهان ساقي الشبنم ذو الخوذة تكوينًا، إلا أنهما مسننتان على طول الجهة الخلفية.»
التسمية
سُمي هذا النوع بواسطة عالم الطيور جون لاثام في عام 1790 بناءً على عينة من منطقة سيدني بأستراليا، والتي كانت تُعرف باسم هولندا الجديدة في ذلك الوقت. ساهم لاثام في كتاب فيليب وقدم الأوصاف الأولى للعديد من أنواع الطيور الأسترالية وأسماها؛ يتكون الاسم العلمي للإيمو من كلمتي «دروميوس» (Dromaius) المشتقة من كلمة يونانية بمعني «راكض» و«نوفوهولندياي» (novaehollandiae) وهو المصطلح اللاتيني لهولندا الجديدة، فيُصبح الاسم الحرفي للطائر: «سريع القدمين الهولندي الجديد». في وصفه الأصلي للإيمو عام 1816، استخدم عالم الطيور الفرنسي لويس جان بيير فيو اسمين لتصنيف الجنس: الأول «دروميسيوس» (Dromiceius) ولاحقًا «دروميوس» (Dromaius). منذ ذلك الحين وهناك اختلاف حول التسمية الصحيحة التي يجب استخدامها؛ فالاسم الثاني أصح من حيث التشكيل، إلا أن العرف في علم التصنيف هو استخدام أول اسم يطلق على الكائن، ما لم يكن خطأً مطبعيًا واضحًا. تستخدم معظم المنشورات الحديثة، بما في ذلك منشورات الحكومة الأسترالية Dromaius مع ذكر Dromiceius كإملاء بديل.
أصل الاسم الشائع «إيمو» غير مؤكد، إلا أنه يُعتقد بأن الكلمة مشتقة من كلمة عربية بمعنى طائر كبير، استخدمه المستكشفون البرتغاليون لاحقًا لوصف الشبنم في أستراليا وغينيا الجديدة. وفي نظرية أخرى، يأتي الاسم من كلمة «إيما» (ema)، والتي تُستخدم باللغة البرتغالية للإشارة إلى طائر كبير يشبه النعامة أو الكركي. في فيكتوريا، اشتملت بعض أسماء الإيمو عند الأستراليين الأصليين على: «باريمال» في لغة دجا دجا وورونغ، و«ميوري» في لغة غوناي، و«كورن» في لغة جارداودجالي. كما كان الطائر يسمى «موراونغ» أو «بيراباين» في اللغات المحلية لشعوب الداروغ والإيورا في حوض سيدني.
التصنيف العلمي
الهيكل العظمي للإيمو
مقارنة بين أحجام الإنسان وإيمو البر الرئيسي (وسطًا) ونويعة جزيرة كينغ المنقرضة (يمينًا)
صُنِّف الإيمو لمدةٍ طويلة، مع أقرب الطيور إليه مثل الشبنم ضمن الفصيلة الشبنمية، وهي جزء من رتبة النعاميات مسطحة الصدر. اقترح علماء آخرون تصنيفًا بديلًا عام 2014، استنادًا إلى تحليل الحمض النووي الميتوكوندري. وهذا التصنيف يقسم الفصيلة إلى رتبةٍ مُستقلَّةٍ بذاتها، هي الشبنميات، وتتضمن الشبانم التي تتبع فصيلة الشبنميات، أما الإيمو فأصبح يوضع ضمن فصيلة أخرى مستقلة بذاتها تعرف باسم الدرميس. وقد أخذ مخطط النسل المبين تاليًا من الدراسة المذكورة.
كان هناك نوعان مختلفان من الدرمسيات في أستراليا في بداية الاستيطان الأوروبي، إضافة إلى نوع آخر عُرف من بقايا المستحاثات. كانت الإيموات القزمة الجُزُريَّة (إيمو جزيرة الكنغر وإيمو جزيرة كينغ) موجودة أصلاً على جزيرتي الكنغر وكينغ على التوالي، وقد انقرض كلاهما بعد وقت قصير من وصول الأوروبيين. الإيمو التسماني هو نوع آخر من طيور الإيمو القزمة المنقرضة، وقد وُجد في تسمانيا، وانقرض حوالي عام 1865. أما نويعة البر الرئيسي فلا تزال شائعة. اختلف عدد هذه الطيور من عقد لآخر، وقد اعتمد ذلك بدرجة كبيرة على هطول الأمطار؛ ففي عام 2009، كان عددها يقدّر بين 630,000 و725,000 طائر. أُدخلت طيور الإيمو إلى جزيرة ماريا الواقعة قبالة تسمانيا وجزيرة الكنغر قبالة ساحل جنوب أستراليا، خلال القرن العشرين. انقرضت طيور جزيرة ماريا بحلول منتصف تسعينيات القرن العشرين، لكن الجمهر الدخيلة في جزيرة الكنغر نجحت في التكاثر والبقاء.
عام 1912، اقترح عالم الطيور الأسترالي غريغوري ماثيوز وجود ثلاث نويعات حية من الإيمو: نويعة هولندا الجديدة (D. n. novaehollandiae)، ونويعة وودوارد (D. n. woodwardi) ونويعة روثتشيلد (D. n. rothschildi). لكن ورد جدل في كتيب طيور العالم أن نويعتين من هذه النويعات الثلاث سالفة الذكر باطلتين ولا يمكن اعتبارها مستقلة بذاتها؛ فالتباينات الطبيعية في لون الريش والطبيعة الارتحالية لهذه النويعات تجعل من المحتمل أن تشكل جميع جمهرات البر الرئيسي لأستراليا نويعةً واحدةً. يُظهر فحص الحمض النووي لإيمو جزيرة كينغ أن هذا الطائر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بإيمو البر الرئيسي وعليه اعتُبر نويعةً مُنفصلة.
الوصف
القد
رسمٌ يُقارن بين حجم الإيمو وغيره من مُسطحات القص.
الإيمو هو ثاني أطول طائرٍ في العالم بعد النعامة؛ فالطيور الأكبر منه قد يتراوح ارتفاعها بين 150 و190 سم (59-75 إنشًا). بينما يتراوح طولها من المنقار إلى الذيل بين 139 و164 سم (55-65 إنشًا). يبلغ متوسط طول الذكور حوالي 148.5 سم (58.5 إنشًا) بينما يبلغ متوسط طول الإناث حوالي 156.8 سم (61.7 إنشًا). ويعدّ طائر الإيمو رابع أو خامس أثقل الطيور الحية بعد النعامة (بنوعيها) والشبنم (بنوعيه)، حيث يزن أكثر قليلًا من البطريق الإمبراطور. تتراوح زنة الإيمو البالغ بين 18 إلى 60 كغم (40-132 رطلًا)، ويبلغ معدل وزن الذكر 31.5 كغم (69 رطلًا) ومعدل وزن الإنثى 37 كغم (82 رطلًا). عادةً ما تكون الإناث أكبر قليلًا من الذكور، وأردافها أعرض بشكلٍ ملحوظ.
الأطراف
يملك الإيمو ثلاثة أصابع في كلّ قدم بترتيب ثلاثي-الأصابع، وهذا تكييف يساعد الطير على الجري، وتوجد هذه الخاصية لدى طيور أخرى، كالحبارى والسمّان، بينما تملك النعامة أصبعين في كل قدم..
على الرغم من أنه لا يطير، إلَّا أن للإيمو جناحان، يبلغ طول وتر الواحد منها حوالي 20 سم (8 إنشات)، ويوجد مخلب صغير في طرف كل جناح. ترفرف الإيمو بجناحيها عند الجري، ولعلَّ ذلك وسيلةً لحفظ توازنها عندما تتحرك بسرعة. كما يتميز الإيمو بعنقٍ وأرجل طويلة، ويمكنها الركض بسرعة تصل إلى 48 كم في الساعة (30 ميلًا في الساعة) بسبب عضلاتها التي تربط الأطراف بالحوض ذات التخصصية الكبيرة. تحتوي كل قدمٍ من أقدامها على ثلاثة أصابع وعدد مماثل من العظام وعضلات القدم المرتبطة بها؛ تعدّ طيور الإيمو فريدة من نوعها من حيث أن عضلات الساقين في الجزء الخلفي من المنطقة السفلية للساقين تحتوي أربعة بطون بدلًا من ثلاثة. أما نسبة عضلات أطراف الحوض لديها من إجمالي كتلة الجسم فهي مماثلة لنظيراتها في الطيور القادرة على الطيران. تبلغ سعة خطواتها عند المشي حوالي 100 سم (3.3 قدماً)، لكن عند الركض، يصل مدى الخطوة إلى 275 سم (9 أقدام). أرجلها خالية من الريش، ولها وسادات سميكة ومبطّنة تحت أقدامها. للإيمو، كما للشبنم، مخالب حادة في أصابع القدمين، وهي من أهم الوسائل التي يستخدمها الطائر للدفاع عن نفسه، إذ يستخدمها في القتال لإلحاق الأذى بالمعادين عن طريق الركل. يبلغ طول أصبع القدم مع المخلب حوالي 15 سم (6 إنشات). أما منقارها فصغير جدًا، يتراوح طوله بين 5.6 و6.7 سم (2.2-2.6 إنشًا)، وهو رقيق، تكيّف لالتقاط الطعام. يتمتع الإيمو ببصرٍ وسمعٍ جيدين، ما يتيح له اكتشاف المتربصين وعوامل التهديد من مسافةٍ بعيدة.
الكسوة
طائرٌ في منطقة الأراضي الرطبة بماريبا، في ولاية كوينزلاند الأسترالية
الرأس والجزء العلوي من العنق
لون عنق الإيمو أزرق فاتح، يبدو للناظر من خلال ريشها المتفرّق. أما الريش نفسه فرمادي مائل إلى البني ومظهره شعث. أطراف الريش ومحاوره سوداء اللون. تمتص أطراف الريش أشعة الشمس بينما يعزل الريش الداخلي الجلد. وهذا يمنع ارتفاع حرارة الطير فيبقى نشطًا أثناء ارتفاع درجة الحرارة خلال النهار. ثمة ميزة فريدة لريش الإيمو وهي نمو ريشتين من محورٍ واحد، حيث تكون الريشتان بنفس الطول لكن الملمس متغير؛ تكون المنطقة القريبة من الجلد فروية إلى حدٍ ما، لكن النهايات أشبه بالأعشاب. يتشابه الجنسان في المظهر، على الرغم من أن قضيب الذكر يمكن أن يصبح مرئيًا عندما يتبول ويتغوط.
يختلف لون الريش وفقًا للعوامل البيئية، ما يتيح للطائر تمويهًا طبيعيًا. يكون لون ريش الإيمو في المناطق القاحلة ذات التربة الحمراء ضاربٌ إلى الحمرة قليلًا، بينما يكون ريش الطيور التي تعيش في المناطق الرطبة أغمق لونًا بشكلٍ عام. يتطوّر ريش الصغار في حوالي ثلاثة شهور ويصبح أسودًا مائلًا للبني، ويكون لون ريش الرأس والعنق غامقًا بشكلٍ خاص. ريش الوجه يخف تدريجيًا كاشفًا عن لون الجلد المزرقّ. أما ريش الكبار فيتطور كاملًا في نحو خمسة عشرة شهرًا.
عيون الإيمو محمية بغشاءٍ رامش (جفن ثالث). وهذه الأغشية عبارة عن جفون شفافة ثانوية تتحرك أفقيًا من طرف العين الداخلي إلى طرفها الخارجي. تعمل الأغشية كأقنعة لحماية العينين من الغبار في المناطق الجافة القاحلة. للإيمو قصبة هوائية كيسية، تصبح أكثر بروزاً خلال موسم التزاوج، طولها حوالي 30 سم (12 إنشًا) وهي واسعة جدًا، لها جدار رقيق وفتحة طولها 8 سم (3 إنشات).
الانتشار والموطن
آثار أقدام إيموين بالغ وفرخ
كان الإيمو شائعًا في الساحل الشرقي لأستراليا، لكنه الآن لم يعد كذلك؛ على النقيض من ذلك، فإن تطوّر الزراعة وطرق توفير المياه في المناطق الداخلية من القارة زاد من نطاق انتشار الإيمو في المناطق القاحلة. يعيش الإيمو في موائل مختلفة سواء داخل القارة أو بالقرب من الساحل. وهي أكثر شيوعًا في مناطق السفناء والغياض صلبة الأوراق، وأقل شيوعًا في المناطق المكتظة بالسكان والمناطق القاحلة التي يقل فيها معدل الأمطار السنوي عن 600 ملم.
يرتحل الإيمو في أزواج عادةً، وعلى الرغم من أنها يمكن أن تشكّل أسرابًا كبيرة، إلا أن هذا السلوك الاجتماعي غير الاعتيادي ينشأ من حاجتها المشتركة للانتقال إلى مصادر جديدة للغذاء. شوهدت طيور الإيمو تنتقل إلى مسافات طويلة للوصول إلى مناطق التغذية الوفيرة. في غرب أستراليا، تتبع تحركات الإيمو نمطًا موسميًا متميزًا، إذ تنتقل إلى الشمال في الصيف وإلى الجنوب في الشتاء. أما على الساحل الشرقي، يبدو تجوالها أكثر عشوائية ولا يتّبع نمطًا محددًا.
السلوك والبيئة
إيموان يستحمَّان في يومٍ صيفي حار جدًا، في مياهٍ ضحلة، في حديقة حيوانات واريبي المفتوحة.
طيور الإيمو نهارية النشاط تقضي يومها في البحث عن الطعام، وهندمة ريشها بمنقارها، والتعفير في التراب، والاسترخاء. وهي طيور تعيش عادةً في أسراب، إلا في موسم التكاثر. وتتناوب الطيور على عملها في السرب، فيرعى بعضها بينما يُراقب آخرون المنطقة كي لا يُغافلها مُفترس، ثم تقتات الطُيُور المُراقبة وتتولى تلك التي انتهت من طعامها مُهمَّة المُراقبة. والإيمو قادرة على السباحة عند الضرورة، على الرغم من أنها نادرًا ما تسبح إلا إذا غمرت منطقتها المياه أو اضطرّت لعبور نهر. تبدأ الإيمو في الاستقرار عند غروب الشمس وتنام ليلًا. إلا أن نومها ليس مستمرًا، بل تستيقط عدّة مرات أثناء الليل. عندما تريد النوم، تجلس القرفصاء أولاً على رصغيها، ثم تدخل مرحلة النعاس، إلا أنها تبقى يقظةً حذرة متحفّزة للاستجابة لأي تنبيه، حيث تعود إلى حالة اليقظة التامّة إذا شعرت بالانزعاج. عندما تبدأ مرحلة النعاس الشديد، تلفّ رقبتها بالقرب من الجسم وتبدأ بغلق جفونها. إن لم تحدث إي إزعاجات أو اضطرابات في محيطها، فإنها تغطّ في نوم عميق بعد حوالي 20 دقيقة. في هذه المرحلة، يرتخي جسمها وينزل تدريجيًا إلى أن يلامس الأرض، مع بقاء ساقيها مطويتان تحتها. تطوي منقارها إلى الأسفل بحيث يصبح وضع رقبتها شبيهًا بحرف «S» تمامًا وتبقيها ملفوفة على نفسها. يعمل الريش على توجيه المطر في حال سقوطه إلى الأسفل على الأرض. يعتقد أن وضعية النوم هذه هي نوعٌ من التمويه، إذ أنها تكون مشابهة لكومةً صغيرة من التراب. يستيقظ الإيمو عادةً من نومه مرة كل حوالي تسعين دقيقة أو نحو ذلك، ويقف منتصبًا للتغذية الخفيفة أو للتبرز. تستمر فترة اليقظة هذه ما بين عشر دقائق إلى عشرين دقيقة، ثم يعود الطائر بعدها للنوم. عمومًا، ينام الإيمو نحو سبع ساعات تقريبًا كل 24 ساعةً. أما صغار الإيمو فتنام بحيث تمدّ رقبتها وتمطّها إلى الأمام على الأرض.
طائر إيمو ينخر مطلقًا أصوات، لاحظ تضخّم حلقه
تتنوع الأصوات التي يُصدرها الإيمو عادةً ما بين الزفيف والشخير. ينشأ صوت الزفيف من جيب قابل للانتفاخ بالهواء يوجد في الرقبة؛ ينظّم الطائر النغمة ويعتمد الصوت على حجم الفتحة. يصدر معظم الزفيف عن الإناث؛ وهو جزء من طقوس التودد والمغازلة، ويُستخدم أيضًا للإعلان عن السيطرة على المنطقة وكتهديد للخصوم. قد يصل صوت الزفيف عالي الشدة إلى بعد كيلومترين (1.2 ميلًا)، أما النداء المنخفض الذي يتميز بكونه أكثر رنينًا، فتصدره أثناء موسم التكاثر، حيث يكون في البداية جاذبًا للذكور، لكنه يصل حده الأقصى عندما تحتضن الذكور البيض. أما بالنسبة للشخير، فتصدره الذكور عادةً. ويستخدم بشكلٍ أساسي أثناء موسم التكاثر للدفاع عن المنطقة وكتهديدٍ للذكور الأخرى أثناء فترة المغازلة وأثناء فترة وضع البيض. قد تصدر أصوات الزفيف والشخير عن كلا الجنسين في حالة مواجهة أجسام غريبة. في الأيام شديدة الحرارة، تلهث طيور الإيمو للحفاظ على درجة حرارة جسمها، إذ تعمل الرئتان كمبرّدات تبخيرية، وهو على عكس أنواعٍ أخرى من الطيور، فإن المستويات المنخفضة المتشكّلة من ثاني أكسيد الكربون في الدم لا تتسبب بتكوّن القلويات. يوجد لدى الإيمو ممرات أنفية متعددة وكبيرة تمكّنها من التنفّس طبيعيًا في الطقس البارد. يسخن الهواء البارد أثناء مروره إلى الرئتين عبر هذه الممرات، مستفيدًا من حرارة منطقة الأنف. عند الزفير، يعمل الأنف البارد على بتكثيف رطوبة الهواء ويعيد استخدامها. وكما هو الحال في الطيور الضخمة الأخرى، لدى الإيمو قدرة كبيرة على المعالجة الحرارية، ويمكنه الحفاظ على درجة حرارة قد تتراوح بين -5 حتى 45 درجة مئوية (23 - 113 درجة فهرنهايتية). يتراوح النطاق الحراري الطبيعي للإيمو بين 10 و30 درجة مئوية (50-86 درجة فهرنهايتية). كما هو الحال في الطيور الضخمة الأخرى، معدل الأيض القاعدي منخفض نسبيًا لدى الإيمو مقارنة بأنواع الطيور الأخرى. عند درجة حرارة -5 مئوية (23 فهرنهايت)، يبقى معدل الأيض لديها حوالي 60% مما هو عندما يكون الطائر واقفًا، وذلك لقلّة وجود ريش يغطي منطقة المعدة فيؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل فقدان الحرارة عند الوقوف لانكشاف منطقة أسفل البطن